الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية هل تورط الـموساد في عملية اغتيــال محمـد الـزواري؟ آراء بدرة قعلول وباسل ترجمان وعلي زرمديني

نشر في  21 ديسمبر 2016  (10:18)

ما زالت جريمة تصفية المهندس محمد الزواري تلقي بظلالها على تونس نظرا لغموضها وتعقيد ملابساتها والظروف التي حفّت بها ورغم تأكيد وزارة الداخلية ووزارة العدل في ندوات صحفية خاصة بهما بأنّ التحقيقات مازالت متواصلة وأنّ لا دلائل فعلية تؤكد وتثبت بالكاشف تورّط جهاز أجنبي في هذه العملية رغم البيانات التي أصدرتها كتيبة القسام التابعة لحركة حماس الاسلامية الفلسطينية..
مع كل هذه التأكيدات مازال التونسيون يطرحون بشدّة نقاط الاستفهام معتبرين في شقّ واسع منهم أنّ الموساد هو من يقف وراء هذه العملية رغم نفي الجهات الرسمية مبدئيا لذلك..
في هذا الإطار ارتأت أخبار الجمهورية تسليط الضوء على هذا الجانب عبر رصد بعض المواقف والتحليلات فكان التالي

بدرة قعلول: لا يمكن اعتبار محمد الزواري زعيما وطنيا، والجهات الرسمية هي الحاسمة
نوّهت بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية، في بداية مداخلتها مع أخبار الجمهورية إلى أنّ التونسيين لم يكونوا على علم بنشاط الفقيد محمد الزواري في حركة حماس التي صنّفها البعض على أنها تنظيم إرهابي أو يعرفون شخصه قبل الجريمة أو انتماءاته السياسية التابعة لحركة النهضة..
وشدّدت في هذا الإطار على القول أنّ العديد من الفرضيات مطروحة اليوم نظرا لغموض الجريمة وضبابية معالمها، متسائلة عن الهدف من استفزاز البعض لمشاعر التونسيين واعتبار الفقيد شهيدا أو زعيما وطنيا والحال أنّ التحقيقات مازالت متواصلة..
وقالت أن هذه الحادثة أعادت إلى الأذهان عمليتي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وذلك من حيث تشابه الوقائع والسيناريو في طريقة التنفيذ التي كانت في وضح النهار وأمام منزليهما  فضلا عن استعمال الرصاص..
وجدّدت محدّثنا القول بأنّ كل الفرضيات اليوم مطروحة وقابلة للنقاش لكن لا يمكن اعتبار المرحوم  زعيما وطنيا تمت تصفيته من قبل الموساد، مشيرة إلى أننا لا نملك إلى حدّ اللحظة أي دلائل فعلية تحيلنا الى الحديث عن إمكانية اختراق الموساد تونس وقيامها بهذه الجريمة رغم انّ اختراق البلدان والقتل يدخل في نطاق التقاليد التي تعمل بها إسرائيل ..
ونوهت رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية بأنّ هنالك خلطا وارتباكا عند البعض الذين يعتبرون محمد الزواري طيارا مشرفا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية والحال انّه مهندس وليس طيار، مشددة على انّ ايران هي من قامت بتصنيع طائرات الابابيل 1 و2 وهي طائرات دون طيّار..
في المقابل دعت الخبيرة العسكرية الأطراف التي تتحدّث اليوم عن فرضية تورط الموساد فعليا في جريمة تصفية محمد الزواري إلى تقديم الأدلة والبراهين التي تملكها لتأكيد معطياتها ومعلوماتها، معتبرة انه من غير المقبول الإدلاء بأي تصريحات من شأنها استفزاز مشاعر التونسيين دون أن نعلم مدى صدقها ودعامتها..
وقالت قعلول أنّ الحقيقة الكاملة سنتبيّنها إثر إصدار وزارة الداخلية بيانها الرسمي والنهائي حول الجريمة وبعد إفصاح الجهات الرسمية الأخرى موقفها منها وفي الأثناء تبقى المعطيات غير الرسمية والتي يتم تداولها مجرّد تخمينات لا تسمن ولا تغني من جوع..
 وختمت  مداخلتها قائلة إنّه يجب التأني في إصدار التأويلات والتخمينات وانّه يجب الأخذ بعين الاعتبار بأنّ محمد الزواري لم يكن في تونس في السابق وأنّ حركة النهضة تبرأت من انتمائه إليها بعد الحديث عن هذه المسألة كما أنّها لم تصدر أيّ بيان حولها، فضلا عن قتله بذات الطريقة التي تم بها اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وهو ما يطرح العديد من نقاط الإستفهام التي ننتظر أن تجيبنا عنها الجهات الرسمية قريبا..

علي الزرمديني: الموساد تقف وراء جريمة اغتيال الزواري
من جهته أكّد الخبير الإستراتيجي والأمني العميد علي الزرمديني بأنّه يمكن القول أنّ كل الفرضيات قائمة سواء إن كانت الموساد على الخط أو لا بناء على طبيعة وحقيقة نشاط محمد الزواري، ونظرا لانتمائه إلى الجناح العسكري لتنظيم حماس..
وقال انّ الأقرب بما نشر وبما نقل هو وقوف الموساد وراء هذه العملية التي اعتبرها عملية إرهاب دولة وأنّ منفذيها وفاعليها على درجة كبيرة من الحرفية والحضور الذهني والاستعداد المادي للقيام بمثل هذا العمل تحت رعاية وتخطيط لهيكل منظم سواء كصورة المافيا أو مؤسسة ما على حد تعبيره..
وأضاف الخبير الاستراتيجي والأمني أنّه بأن بالكاشف أن العملية ليس لها بعد مافيوزي بقدر ما هي عمل إرهابي منظم، ومن هذا المنطلق فالأقرب أنّ الموساد هي من تقف وراء الاغتيال بما لديها من حرفية وخبرة وهيكل يسمى كتيبة أعداء إسرائيل تتولى إنجاز مثل هذه العمليات خارج إطار الأراضي المحتلة ومتابعة كل طرف يشكل خطرا أو ضررا لدولتها في أي موقع من المواقع على حد تعبيره..
وحول الأسئلة التي طرحت بشأن اختيار الموساد اغتيال الزواري -إن كانت تقف وراءه طبعا- في تونس بالذات وعدم قتله في أي بلد من البلدان التي كان يتنقل إليها مثل تركيا، قال الزرمديني إن إسرائيل لا يمكن لها الضرب على الأرض التركية على اعتبار التحالف الأمني والعسكري والاستراتيجي بينهما وعلى اعتبار كل مقومات التعاون القائم بين الدولتين..
 وبخصوص عدم اعتراف الموساد بتورطه في العملية، اعتبر علي الزرمديني أن كل العمليات التي قامت بها إسرائيل على الأراضي التونسية مثل عملية أبو جهاد لم تعترف بها عكس عملياتها في دول أخرى وذلك نظرا للجوانب الحيوية التي تأخذها إسرائيل بعين الاعتبار وهي مصلحة اليهود في تونس  رغم أننا نعترف بهم أكثر مما تعترف هي بهم فهم تونسيون مثلنا وإخوة لنا وفق قوله..
من ناحية أخرى حمّل علي الزرمديني حركة حماس المسؤولية في ما حدث لقائد جناحهم العسكري محمد زواري قائلا: «كيف لشخص بتلك القيمة بمفهوم حماس أن تتركه في تونس دون حماية ولا تأمين وأن لا تقوم بتنبيه أصدقائها الذين هم في الحكم حاليا خاصة وهي تعلم انّ تونس ارض سياحية مفتوحة»..
وختم مداخلته متقدّما بتحية للأجهزة الأمنية التي تمكنت في ظرف قياسي أن تسقط اللثام عن أسرار هذه العملية التي اعتبرها محدثنا جريمة دولة..

باسل ترجمان: لا يمكن بناء الحقيقة من منطلق عاطفي
بدوره اعتبر باسل ترجمان  رئيس تحرير موقع الجريدة والمحلل السياسي والخبير في شؤون الجماعات الإرهابية والحركات المتطرفة بأنّه ما زال من المبكر توجيه التحقيق واستباقه طالما لم تصدر النتائج النهائية له معتبرا أن هذا الإستباق والتوجيه لا يخدم مصالح تونس في كشف الحقيقة كاملة..
في المقابل اعتبر محدّثنا  انّ عملية تصفية محمد الزواري بصفاقس هي عملية اغتيال جبانة بحق مواطن تونسي لم يكن معروفا في البلاد إلاّ يوم وقوع الحادثة لنكتشف فجأة أن له أيادي بيضاء في  الدفاع عن فلسطين والدفاع عن قضيتها وفق تعبيره، مشيرا إلى انّ عملية الاغتيال تطرح اليوم أسئلة كبيرة حول الجهة التي تقف وراءها خاصة بوجود موقوفين لدى أجهزة الأمن بينت الأبحاث أن من بينهم أجانب شاركوا في تنفيذ العملية..
وبناء على ثبوت تورط أجانب في عملية الاغتيال (بلجيكي وسويسري)  اعتبر باسل ترجمان أن هذا يقحم كل من سويسرا وبلجيكيا اللتين يحمل عناصر شاركت في العملية جنسيتيهما ويحمّلهما عملية تشاركية مع تونس من اجل الكشف عن ملابسات هذه الجريمة..
وتابع محدّثنا قائلا «من هنا تطرح الأسئلة فإذا كانت هذه المجموعة تابعة كما يقولون للموساد فإنّ جريمة الاغتيال ستعتبر جريمة دولة ضد 3 دول تم فيها استهداف مواطن اعزل في بلده، أمّا إذا كانت لها أبعاد أخرى ما زالت لم تكشف بعد فإنّه إذن لمن المبكر اليوم توجيه الاتهامات استباقيا»..
وتابع:«علينا أن نحيي نضال محمد الزواري من اجل دفاعه عن القضية الفلسطينية، لكن كشف الحقيقة يجب أن لا يكون من منطلق عاطفي وإنما من منطلق البحث الواقعي عنها»..
في المقابل دعا رئيس تحرير موقع الجريدة الدولة التونسية إلى أن تتصرف بكل ما تملك من وسائل سياسية ودبلوماسية وعلاقات أمنية من اجل رفع الغطاء عن كل تفاصيل وملابسات هذه الجريمة وإبلاغ الرأي العام بحقيقة ما جرى قصد كسر باب التأويلات، قائلا إن هنالك العديد من النقاط الغامضة في الملف حول عملية الاغتيال التي لم ينفذها قتلة محترفون بل هواة وفق ما بينته الثغرات وهو ما ساهم في كشف العديد من المعطيات والتقدم في بالتحقيقات عكس قضايا أخرى نفذتها إسرائيل مثل قضية اغتيال أمين عام حركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي في مالطة وكذلك عملية اغتيال القائد الفلسطيني عاطف بسيسو في باريس سنة 1992..



ملف من إعداد: منارة تليجاني